AlterNet.org
NYT
الجزيرة نت
Haaretz.com
Search
٣١/١٠/٢٠١١
عزيزتي المستترة...لا هروب منّي
عزيزتي المستترة،
ترى كيف ينسكب ستارك على كتفيك وأنت تمارسين طقوس اللذة وحيدة على سريرك الضيّق في غرفتك المظلمة؟ اعذري سؤالي ولكنني أريد أن اعرف: هل يحوّل غطاء الرأس خارطة اللذة في الجسد؟ حجابك على رأسك (وعراسي)، والثياب الفضفاضة تمحو في العين حدود جسدك وتتركها للمتخيلين بلا حدود. أود أن أقول إننا نحن الرجال ثلاثة أنواع في النظر إلى جسد الأنوثة. إما شاعر يعشق الجسد كيفما توارى ويراه بالعقل قبل العين، أو مستهلك يبحث عن الصورة لتخزينها في سجلات شبقه، يستعيدها عندما يخون الواقع حاجة تتحكم فيه، أو "غاض النظر" الذي يخاف جسد الأنثى، بل يخاف كلّ شيء.
من تفضلين؟ هل تريدين الهارب الخائف؟ أم الحالم الذي يتوضأ من نفسه ألف مرة ويخلع نعليه وجلده قبل الولوج في معبدك القدسي؟ أما المستهلك فلا أظنك تريدين منحه فرصة اختزالك في صورة، وإلا فلما تستترين؟ إذا أنت تستترين له، تحجبين نفسك عن عيونه المتسخة. تنصبينه نموذج الرجال وتفصلين ثوبك على قياس روحه النحيلة. كل ذلك وأنت كما أنت. والحال هي الحال.
ألا يرتعش قلبك وتتسارع الدماء في شرايينك عندما تبصرين أو تسمعين أو تلمسين أو تغازل أنفك عطور رجل يملأ أنوثتك، أو يفرغها من امتلاء يخنقها؟ لماذا تستترين إذن؟
ستقولين إنه أمر الله. سأجيبك: نقلها عن الله رجل، وفسّرها من بعده رجل، وأفتى بها من بعدهما رجل. رجال هم أو يسمون كذلك لأن لهم أفعى لا تهدأ بين الفخذين، وعدوا أنفسهم بحسناوات في الجنة. وأنت بماذا وعدوك؟
ستقولين: أتريدني أن أتشبه بالعاريات البائعات لأجسادهن الغارقات في الصورة والمغرقات فيها؟ سأجيبك: هنّ يسترن أرواحهن وأنت تسترين الجسد. هنّ يغرقن في الصورة وأنت في عدمها. ومقامات الأشياء في جواهر معانيها لا في أشكالها. وهل أنت بما في قلبك وعقلك ستكونين من تلك الفئة إذا سقط عنك التكليف الشرعي بالحجاب؟ إذا كان كذلك فاستتارك نفاق، وإن لم يكن كذلك فاستتارك تقليد وخضوع.
على كل حال، أنا شخصيا مثال على عدم جدوى ستارك. إن بقي ظاهرا منك رمش عين، فسأرسم من الرمش جسدا وروحا وقصصا لا تنتهي، أبطالها إحساسك وأفكارك وألوان خيالاتك. وإن لم يظهر منك غير خيارك الاتشاح بالسواد، فسأبدأ من هذا الخيار، لأبني فوقه أطيافا من ملاعب لذتك، وشوارع اختلاجاتك.
لا هروب منّي.
٣٠/١٠/٢٠١١
المتدينون في النار
الآدمي في دنياه توّاق إلى النار، لا يفلت من جاذبية الاحتراق والذوبان. فإن لم يجعل لنفسه مصباح نور لا يبلغ إلا بالكمال، فقدها قبل أوانها لأول شعلة تبدّت لناظريه. ومن هنا، ضرورة الشوق إلى الله، لا من منطلق استيفاء شروط العبادة في شكلها التشريعي كما يقول الفقهاء، ولا في منهج استنساب الإيمان الذي يسلكه المتكلمون، ولا حتى من مبدأ إدراك الحقائق بالبرهان كما يسعى الفلاسفة. لأن الشوق بذاته غاية ضامنة للعلوّ عن مكامن "الخطيئة" الوحيدة، خطيئة الاستغناء عن كليّة الحقّ، بجزئية النسبة إليه في صورة تجلّ محدودة بكونها صورة، مهما كانت حدود التجريد متسعة للصفات.
وفي سلوك المصباح الإلهي الكامل مقصدا، بلاء عظيم، أوله أنه لا يقوم إلا بالشوق وآخره أن المشتاق يدرك اختياره للشوق الدائم سبيلا إلى الخلاص. فإذا تكالبت عليه الذلّة والمسكنة، راوده عقله عن شوقه وزاد إلى لوعة شوقه علمه باختياره الشوق. لذلك، فإن الإسلام للحقيقة الإلهية، لا يقوم إذا كان مفهومها موضوع التسليم، نسبة لا كلّ، بل يقوم فقط إذا كان الإسلام لكليّة الكمال الإلهي، بمعنى أنه واق من الشكّ عبر إحالة خيار الشوق إلى بنية الوجود. فتتخذّ الذات الإلهية بذلك وظيفتين مكملتين لبعضهما بعضا: الكمال المنشود وقاية من انزلاق النفس إلى الحقائق الجزئية جوهرا، والسببية الكونية التي يضمن التسليم بأحقيتها موازنة الشكّ باليقين.
لذلك أقول أن التديّن كما نراه في مجتمعاتنا العربية، بأغلبيتها الساحقة، كفر عظيم. وكلمة الكفر في اللغة العربية، تعني "ستر النعمة"، والنعمة في معناها الكلّي هي الوجود، إذن فالكفر بالمعنى الكلّي هو ستر الوجود بكليته، أي الامتناع عن النظر إلى كل ما في الوجود، والاحتماء وراء حدود ما. في حالة التدّين الاجتماعي الذي نراه من حولنا، يكون الكفر في الاحتماء وراء حدود ما يسمى بالمحرمات والمحللات، والفتاوى والتشريعات، والخوف من النار والطمع في الجنة، لستر نعمة الوجود بحد ذاته عن العين والقلب والعقل، وستر النفس عن حقائق الوجود. الكفر ستر، هو الظلام إذن. وكل جهل ظلام. وكل امتناع عن السؤال جهل.
إذا المتدينون في النار.....هههههههههههههههههههههههههههه
الله والثورة والعميان
"اللهم أرني الأشياء كما هي عياناً" - دعاء للشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي
خبرت القرآن حتى أحسست أن أحداً لم يقرأه قبلي، إلا كاتبه. أو لعلّني حمّلته ما رأى عقلي قبل اكتشافه. لن أدري، ولن يدري أحد. لأن العين أسيرة لونها، لأن الذي يأبى إلا أن يسأل ويسائل، غريب أينما حلّ. والثائر كذلك. فالثورة ليست حدثا سياسيا. الثورة بحث عن الرؤية خلف الحجب التي كنا نراها ونرضى بها خضوعا لحتمية الواقع، خوفا من استحالة المعرفة. وكلما أمطنا لثاما، واجهتنا مسافة جديدة، بين إحقاق الحقّ وبيننا.
شيخ قد استقى من مشرب حكمة الموحدين قال لي يوما إن الباطن عندما يدرَك، يصبح ظاهرا، ويستدعي باطنُه شوقَ المريد. هنا فهمت معنى حلم كان يراودني أرى فيه تشي غيفارا بالجبّة والدستار يفتل فتل دراويش المولوية. يد تصله بالسماء وأخرى بالتراب. عين يحطم فيها الله الموتَ، وأخرى يحطّم فيها الإنسان أصنام الجهالة والظلم. أما الموت ففي كل زاوية، وأما الأصنام فدمى روسية لا تنتهي.
"أشكال الحياة البدائية ما زالت موجودة على الأرض. هذا يعني أن جمود الحياة لم يكن مستحيلا. لكنها اختارت أن تمشي" - الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون
كلما كاد رأسي ينفجر، علمت أنها لحظة الرهان، رهان المغامر في المعرفة: إما الجنون الصريح، أو الانتقال إلى كون جديد على متن شرارة الفكرة. الجذع لا يلد شجرة إلا إذا تفرّع. لا يصبح واحدا إلا إذا تعدّد. خياري الوحيد: أن أكون. لذلك فإن عدوي ليس من يختلف عني، عدوّي من يعمل على بتر احتمالات تفرّعي، من يجبرني بالعنف على استنساخ أجوبته عن كل الأسئلة. معه المعركة مطلقة، لا شعر فيها ولا تردد فلسفي.
"أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض".. هو إذن عدوي بمطلق العداوة، فمسلمة وجوده الأولى نفي وجودي. "إما أنا أو الفوضى".. هو أيضا عدوي بمطلق العداوة، فركيزة استمراريته الأولى وأد احتمالاتي. لا أحلم بفلسطين جنة على الأرض، بل أريد خياراتها لها. ولا أمنّي النفس بأوطان الـ"يوتوبيا"، بل أمنيها بأوطان تمارس الشكّ سبيلا دائما للحق.
"ان أهل الحق موقنون أن الحق وحده يشفي وأنه يجب أن ينتقل من كيان إلى كيان بالشهادة، والشهادة تحديدا نقيض المساومة، لأن للشهادة مرجعية هي الحقيقة نفسها، في حين أن المساومة ترتيب بشري، عقلي للخروج بعلاقة ممكنة" - المطران جورج خضر
هي وهو. إذا كان ما يجمعهما بحث عن راحة في مؤسسة العلاقة، فمذكرة تفاهم لتبادل المصالح، ويبقى هو، وتبقى هي. أما إذا كان عهدهما شهادة بحقيقة المحبة، فلا آخر في المعادلة، ولا هي ولا هو.
المجتمع الذي خرج من حروب أبنائه، فتجاهل الشهادة بحقيقتها، إلى التفاوض على نوع الكذبة التي سنتفق على التسليم بها، ينتج رجالا لا يحلمون فلا يعشقون، ونساءً لا يُعشقن فلا يحلمن. يورثون أبناءهم صلافة القلب وإنكار الهوى، فيفتر كل شيء، ويصبح الوطن مصنع أفراد.
قاوم بالعشق إذن، أبقِ على وطني حيّا في جمرة قلبك، في كتلة حبّ تكبر حتى تصبح ثورة.
خبرت القرآن حتى أحسست أن أحداً لم يقرأه قبلي، إلا كاتبه. أو لعلّني حمّلته ما رأى عقلي قبل اكتشافه. لن أدري، ولن يدري أحد. لأن العين أسيرة لونها، لأن الذي يأبى إلا أن يسأل ويسائل، غريب أينما حلّ. والثائر كذلك. فالثورة ليست حدثا سياسيا. الثورة بحث عن الرؤية خلف الحجب التي كنا نراها ونرضى بها خضوعا لحتمية الواقع، خوفا من استحالة المعرفة. وكلما أمطنا لثاما، واجهتنا مسافة جديدة، بين إحقاق الحقّ وبيننا.
شيخ قد استقى من مشرب حكمة الموحدين قال لي يوما إن الباطن عندما يدرَك، يصبح ظاهرا، ويستدعي باطنُه شوقَ المريد. هنا فهمت معنى حلم كان يراودني أرى فيه تشي غيفارا بالجبّة والدستار يفتل فتل دراويش المولوية. يد تصله بالسماء وأخرى بالتراب. عين يحطم فيها الله الموتَ، وأخرى يحطّم فيها الإنسان أصنام الجهالة والظلم. أما الموت ففي كل زاوية، وأما الأصنام فدمى روسية لا تنتهي.
"أشكال الحياة البدائية ما زالت موجودة على الأرض. هذا يعني أن جمود الحياة لم يكن مستحيلا. لكنها اختارت أن تمشي" - الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون
كلما كاد رأسي ينفجر، علمت أنها لحظة الرهان، رهان المغامر في المعرفة: إما الجنون الصريح، أو الانتقال إلى كون جديد على متن شرارة الفكرة. الجذع لا يلد شجرة إلا إذا تفرّع. لا يصبح واحدا إلا إذا تعدّد. خياري الوحيد: أن أكون. لذلك فإن عدوي ليس من يختلف عني، عدوّي من يعمل على بتر احتمالات تفرّعي، من يجبرني بالعنف على استنساخ أجوبته عن كل الأسئلة. معه المعركة مطلقة، لا شعر فيها ولا تردد فلسفي.
"أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض".. هو إذن عدوي بمطلق العداوة، فمسلمة وجوده الأولى نفي وجودي. "إما أنا أو الفوضى".. هو أيضا عدوي بمطلق العداوة، فركيزة استمراريته الأولى وأد احتمالاتي. لا أحلم بفلسطين جنة على الأرض، بل أريد خياراتها لها. ولا أمنّي النفس بأوطان الـ"يوتوبيا"، بل أمنيها بأوطان تمارس الشكّ سبيلا دائما للحق.
"ان أهل الحق موقنون أن الحق وحده يشفي وأنه يجب أن ينتقل من كيان إلى كيان بالشهادة، والشهادة تحديدا نقيض المساومة، لأن للشهادة مرجعية هي الحقيقة نفسها، في حين أن المساومة ترتيب بشري، عقلي للخروج بعلاقة ممكنة" - المطران جورج خضر
هي وهو. إذا كان ما يجمعهما بحث عن راحة في مؤسسة العلاقة، فمذكرة تفاهم لتبادل المصالح، ويبقى هو، وتبقى هي. أما إذا كان عهدهما شهادة بحقيقة المحبة، فلا آخر في المعادلة، ولا هي ولا هو.
المجتمع الذي خرج من حروب أبنائه، فتجاهل الشهادة بحقيقتها، إلى التفاوض على نوع الكذبة التي سنتفق على التسليم بها، ينتج رجالا لا يحلمون فلا يعشقون، ونساءً لا يُعشقن فلا يحلمن. يورثون أبناءهم صلافة القلب وإنكار الهوى، فيفتر كل شيء، ويصبح الوطن مصنع أفراد.
قاوم بالعشق إذن، أبقِ على وطني حيّا في جمرة قلبك، في كتلة حبّ تكبر حتى تصبح ثورة.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
Blog Archive
-
▼
2011
(17)
- ◄ كانون الأول (1)
- ◄ تشرين الثاني (3)