٣٠‏/١٠‏/٢٠١١

المتدينون في النار

 

الآدمي في دنياه توّاق إلى النار، لا يفلت من جاذبية الاحتراق والذوبان. فإن لم يجعل لنفسه مصباح نور لا يبلغ إلا بالكمال، فقدها قبل أوانها لأول شعلة تبدّت لناظريه. ومن هنا، ضرورة الشوق إلى الله، لا من منطلق استيفاء شروط العبادة في شكلها التشريعي كما يقول الفقهاء، ولا في منهج استنساب الإيمان الذي يسلكه المتكلمون، ولا حتى من مبدأ إدراك الحقائق بالبرهان كما يسعى الفلاسفة. لأن الشوق بذاته غاية ضامنة للعلوّ عن مكامن "الخطيئة" الوحيدة، خطيئة الاستغناء عن كليّة الحقّ، بجزئية النسبة إليه في صورة تجلّ محدودة بكونها صورة، مهما كانت حدود التجريد متسعة للصفات.

وفي سلوك المصباح الإلهي الكامل مقصدا، بلاء عظيم، أوله أنه لا يقوم إلا بالشوق وآخره أن المشتاق يدرك اختياره للشوق الدائم سبيلا إلى الخلاص. فإذا تكالبت عليه الذلّة والمسكنة، راوده عقله عن شوقه وزاد إلى لوعة شوقه علمه باختياره الشوق. لذلك، فإن الإسلام للحقيقة الإلهية، لا يقوم إذا كان مفهومها موضوع التسليم، نسبة لا كلّ، بل يقوم فقط إذا كان الإسلام لكليّة الكمال الإلهي، بمعنى أنه واق من الشكّ عبر إحالة خيار الشوق إلى بنية الوجود. فتتخذّ الذات الإلهية بذلك وظيفتين مكملتين لبعضهما بعضا: الكمال المنشود وقاية من انزلاق النفس إلى الحقائق الجزئية جوهرا، والسببية الكونية التي يضمن التسليم بأحقيتها موازنة الشكّ باليقين.

لذلك أقول أن التديّن كما نراه في مجتمعاتنا العربية، بأغلبيتها الساحقة، كفر عظيم. وكلمة الكفر في اللغة العربية، تعني "ستر النعمة"، والنعمة في معناها الكلّي هي الوجود، إذن فالكفر بالمعنى الكلّي هو ستر الوجود بكليته، أي الامتناع عن النظر إلى كل ما في الوجود، والاحتماء وراء حدود ما. في حالة التدّين الاجتماعي الذي نراه من حولنا، يكون الكفر في الاحتماء وراء حدود ما يسمى بالمحرمات والمحللات، والفتاوى والتشريعات، والخوف من النار والطمع في الجنة، لستر نعمة الوجود بحد ذاته عن العين والقلب والعقل، وستر النفس عن حقائق الوجود. الكفر ستر، هو الظلام إذن. وكل جهل ظلام. وكل امتناع عن السؤال جهل.

إذا المتدينون في النار.....هههههههههههههههههههههههههههه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق